المولات تبتلع البقالات

المولات تبتلع البقالات
ميساء بشارات
11 مايو 2022

مع توالي موجات ارتفاع الأسعار، يبدو أن “المولات” ومحلات السوبرماركت الكبيرة باتت تضيّق الخناق على الدكاكين والبقالات الصغيرة في الحارة والقرى، خصوصا وأن مراكز التسوق الكبيرة تطرح عروضا جاذبة تدغدغ مشاعر المستهلك الهادف للتوفير قدر الإمكان في ظل الغلاء واضطراب الدخل وغموض المستقبل.

وتستخدم المولات خصوصا تلك التي توفر كل المواد الاستهلاكية واللحوم والخضار أدوات التواصل الاجتماعي ببراعة للوصول إلى المستهلكين لجذبهم، من خلال توفير أسعار أقل في مكان واحد يوفر الجهد والوقت والمال.

وكان الأثر سلبيا للغاية على أصحاب المشاريع الصغيرة مثل الدكاكين، التي اضطر ملاك كثير منها لإغلاقها، وبعضهم من يحاول الصمود والثبات، من أجل الحفاظ على مصدر رزقه، ومجاراة التطور.

اختفاء هذه المنشآت الصغيرة، قد يؤدي لتضرر العائلات التي تعتمد على هذه المحلات، وعواقب اجتماعية واقتصادية أخرى، قد تنعكس آثارها على المجتمع ككل.

الشاب محمد صدام صاحب “دكان” في مدينة رام الله، يقول: “صحيح أن الأرزاق على الله، لكن المولات والعروض المستمرة من قبل المحلات الكبيرة، أثرت علينا كثيرًا، فالمول يستهلك بضائع بكميات كبيرة جدا ما يجعل الشركة المنتجة تعمل له خصما على البضائع بالجملة التي يشتريها، وبالتالي يبيع بأسعار أقل من السوق ويقدم عروضًا”.

ويضيف وهو يرتب رفوف دكانه الصغير: “أصحاب المشاريع الصغيرة، لا يستطيعون مجاراة المول في العروض، لأن حجم الاستهلاك لديهم قليل وبالتالي الشركة المنتجة أو الموزعة لا تقدم لهم عروضًا كبيرة، ولذلك يذهب الناس للشراء من المولات بحثًا عن العروض”.

ويقول شهاب بدر صاحب سوبرماركت صغير في مدينة رام الله، إن لدى السوبر ماركتات الكبيرة قدرة شرائية أكبر، ولذلك يحصلون على خصومات كبيرة وبالتالي يستطيعون عمل العروض، والناس يذهبون الى العروض للتوفير وخاصة العائلات.

ويقول بدر المالك لمحل منذ خمس سنوات، كان يعمل لدي موظف لمساعدتي لكن الوضع لم يسمح لي بالإبقاء على العامل، لأن الإقبال على الشراء في كل سنة يقل بسبب انتشار المولات، وعدم القدرة على مجاراتها.

وتخلو رفوف البقالة لدى بدر من العديد من المنتجات التموينية مقتصرًا على بعض المنتجات الخفيفة والعصائر والمشروبات، بسبب العروض القوية في المولات.

ويوضح أنه إذا استمر الوضع هكذا فستقفل العديد من المشاريع الصغيرة لأنها لن تستطيع منافسة المولات وسيؤدي إلى خسارتهم.

ويقول مدير العمليات في فروع بلازا مول محمد فرعون: الناس تختار الشراء من المول لأنه يوفر الوقت عليهم، بدلاً من الدخول في أزمات الشوارع والذهاب لأكثر من محل للشراء، ويوجد به العديد من العروض باستمرار ما، ويحتوي على الكثير من المستلزمات والاحتياجات في مكان واحد وبجودة عالية ونوعيات ممتازة.

ويضيف كما تتوفر الاحتياجات والمتطلبات في المول ويوفر الأمن والأمان والنظافة أيضًا، وهذه تعتبر عوامل جاذبة للمستهلك.

ويشير الى أن بعض الناس يختارون الشراء فقط من الاحتياجات التي عليها تنزيلات، ويذهبون لإكمال التسوق من مول آخر فيه عروض أقوى مستغلين فقط العروض، للتوفير على أنفسهم.

ويؤكد فرعون أن الإقبال على المول يزيد كل عام، للأسباب المذكورة سابقا، كما أن إدارة المول تعمل بكل جهدها لجذب المستهلكين وتشجيعهم للشراء من المول، عن طريق العروض والسحوبات التي تجريها والجوائز التي تقدمها.

ويقول مدير الغرفة التجارية في رام الله والبيرة صلاح حسين، إن المول ثقافة جديدة في التسوق، وهي موجودة في الخارج، والمول يوفر شبكة من التسوق للمواطنين بتكلفة أقل، كما يوفر العديد من الاحتياجات تحت سقف واحد وخلق نظام مناسب للأسر ولأصحاب الدخل المحدود.

ويضيف أن المول يعزز الاستثمار في البلد، ويستقطب الأيدي العاملة ويخلق فرص عمل، وهو بمثابة تدعيم ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المحلي.

ويشير إلى أن هناك اعتراضات من أصحاب السوبرماركتات الصغيرة والبقالات لأن سوقنا صغير، ويشكون من الأثر السلبي للمول عليهم وعلى حصتهم السوقية، لكن هذه قضايا لن نستطيع إيقافها بحكم التقدم والتطور ودخول التكنولوجيا والشراء عبر الأونلاين والتجارة الإلكترونية وغيرها، ولا نستطيع منع الناس من الشراء منها أو عمل مولات.

ويشير حسين، إلى أن 95% من المشاريع في السوق الفلسطينية مشاريع صغيرة، لكن هو في اختلاف بالتخصص، والمولات تخلق حافزًا وتنافسًا في الاسعار، وتحفز اصحاب المشاريع الصغيرة على البحث عن اسعار او اعادة تشكيل واسلوب البيع لديهم.

وينوه إلى أن البلد لدينا تكبر وبالتالي تريد آليات اقتصادية جديدة حتى تتلاءم معها وتستوعب توسعها والحجم.

ويوضح حسين، أن المول هو كل سوبرماركت كبير لديه مساحة فوق 300 متر ويبيع العديد من الاحتياجات ضمن اقسام لديه (مثل اللحوم والخضار والمواد التموينية والمنزلية وغيرها) تحت سقف واحد وبعيدًا عن الأزمات المرورية.

ويشير الى ان المول يشجع على ثقافة الاستهلاك وشراء حاجات غير لازمة او ضرورية للمنزل وبكميات اكثر من الاحتياجات، بسبب العروض التي تقدمها.

وينوه الى ان المول له ايجابيات منها توفير الوقت في التسوق، حيث انه بدل التنقل الى أكثر من محل للبحث عن الاغراض يجدها في مكان واحد، ووجود مواقف للسيارات محددة ومجانية بدل البحث عن موقف للسيارة او اصطفافها بمكان بعيد عن السوق، فهذه أكثر مشكلة تواجه المشتري.

 

  • الحياة الاقتصادية
  • ي.ك