قالت الخبيرة الأممية المستقلة فرانشيسكا ألبانيز “إن الإبادة الجماعية في غزة مأساة معلنة قد يتسع نطاقها لتشمل فلسطينيين آخرين تحت الحكم الإسرائيلي، والمضي قدما في تحقيق الهدف المتمثل في “إسرائيل الكبرى” يهدد بمحو السكان الفلسطينيين الأصليين”.
وشددت الخبيرة الدولية في تقرير قدمته إلى الجمعية العامة يحمل عنوان: “الإبادة الجماعية بوصفها محوا استعماريا”، على ضرورة النظر إلى “سلوك إسرائيل في الإبادة الجماعية الذي تحجبه السرديات الإسرائيلية الكاذبة عن حرب شنتها “دفاعا عن النفس”، في سياق أوسع باعتباره أفعالا عديدة تستهدف الفلسطينيين بصفتهم (الشعب في مجمله) في كامل الأراضي التي يقيمون بها تعزيزا لطموحات إسرائيل السياسية، في بسط السيادة على كامل فلسطين الخاضعة للانتداب سابقا”.
وقالت ألبانيز، في مؤتمر صحفي عقد بمقر الأمم المتحدة “لا نرى الماضي يعيد إنتاج نفسه في الأرض الفلسطينية المحتلة فحسب، بل نرى أيضا نفس اللامبالاة والقدرة على غض النظر من جانب العديد من الدول الأعضاء والمجتمع الدولي وانهيارا كاملا للنظام الدولي الذي يقوم على مبدأ عدم تكرار ما وعد به العالم بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد الهولوكوست”.
وأضافت: “من المزعج للغاية أن نرى دولا أعضاء تطمس وتشكك في معنى القانون الدولي، وتعمل على تجريد ضحايا السنة الماضية من الإنسانية”.
ويأتي هذا التقرير، في أعقاب تقريرها السابق الذي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان في شهر مارس/آذار، والذي خلصت فيه إلى وجود “أسباب معقولة للاعتقاد بأن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية في غزة”.
وأشارت إلى أنها واصلت التحقيق فيما حدث في غزة وأيضا في بقية الأرض الفلسطينية المحتلة بعد تقديم ذلك التقرير.
وتابعت: “يمكنني القول إنه لأكثر من عام ظللت أناشد جميع الأطراف المعنية، وخاصة تلك الدول التي يمكنها ممارسة مزيد من النفوذ على دولة إسرائيل، اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف تدمير الشعب الفلسطيني ولضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الإسرائيليين والفلسطينيين وضمان احترام القانون الدولي”.
وتساءلت: لو كان قد تم احترام القانون الدولي – على الأقل خلال الأشهر الاثني عشر الماضية – لكان ذلك كفيلا بوقف ما يحدث في غزة والذي قالت إنه كان ينبغي أن يتوقف.
ومضت قائلة: “كان يجب وقف ذلك من قبل مجلس الأمن في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. كان يجب وقفه بعد المجموعة الأولى من التدابير المؤقتة التي أصدرتها مـحكمة العدل الدولية. كان يجب أن يتوقف عندما قدمت تقريري الأول. كان يجب أن يتوقف قبل غزو رفح أو قبل غزو لبنان”.
وأشارت إلى ما وصفته بالتبرير من عدد صغير، ولكن مؤثر من الدول التي قالت إنها تواصل تمكين ورعاية ما وصفتها بـ “الغطرسة الإسرائيلية التي تقود تصرف إسرائيل بينما نحن نتحدث”.
ووصفت المقررة الأممية التطورات على الأرض بأنها مروعة، قائلة: إن “العنف الإبادي” الذي وصفته في تقريرها الأول قد توسع، وانتشر في أجزاء أخرى من الأرض الفلسطينية المحتلة.
وتابعت: ” كيف نفسر حقيقة تعرض الفلسطينيين من الضفة الغربية لنفس الممارسات والانتهاكات، وغالبا الاغتصاب بين أشكال أخرى من التعذيب”.
وقالت الخبيرة المستقلة في تقريرها إن “الإبادة الجماعية المستمرة”، هي نتيجة لمنح إسرائيل “وضعا استثنائيا وإفلاتها من العقاب الذي طال أمده”.
ومن بين التوصيات التي أوردتها في تقريرها، حثت فرانشيسكا ألبانيز الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على استخدام كل ما لديها من نفوذ سياسي- بدءا بفرض حظر كامل على الأسلحة وعقوبات- حتى “تكف إسرائيل عدوانها على الفلسطينيين، وتقبل بوقف إطلاق النار وتنسحب بشكل كامل من الأرض الفلسطينية المحتلة”.
ودعت إلى الاعتراف رسميا بإسرائيل “كدولة فصل عنصري ممعنة في انتهاك القانون الدولي، وإعادة تفعيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري لمعالجة الوضع في فلسطين، وتحذير إسرائيل من احتمال تعليق عضويتها وفقا للمادة السادسة من مـيثاق الأمم المتحدة”.
كما دعت الدول إلى دعم نشر وجود وقائي دولي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، ووضع إطار حماية للفلسطينيين المهجرين خارج قطاع غزة.
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.
المصدر: الأمم المتحدة
ر.ن