كشف تقرير صحافي عن سياسة إطلاق النار التي اتبعها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة والتي اعتمدت بالأساس على نظام ذكاء اصطناعي حدد في بداية الحرب نحو 37 ألف فلسطيني على أنهم “أهداف بشرية” بناء على معلومات غير موثوقة تشير إلى أنهم ناشطون في حركة حماس، وسمح بقتل ما بين 15 و20 مدنيا كـ”خسائر جانبية” لعمليات استهداف الأهداف المزعومة.
جاء ذلك بحسب ما أكد ستة ضباط مخابرات، جميعهم شاركوا في الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 180 يوما على غزة، في تقرير نشره موقع “سيحا مكوميت” اليوم، الأربعاء. وكشف التقرير أن إسرائيل اعتمدت في بداية الحرب على استخدام نظام الذكاء الاصطناعي المسمى “لافندر”، الذي طورته الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، لتحديد ناشطين في حماس دون معلومات أو تدخل بشري في عملية صنع القرار.
تابع قناة شباب اف ام عبر تلغرام
وبحسب التقرير، فإن نظام “لافندر” يعمل على تحديد “الأهداف” المحتملة لمهاجمتها وذلك عبر معالجة كميات كبيرة من البيانات، في عملية قللت من المشاركة البشرية في صنع القرار، بهدف “تسريع إنتاج الأهداف”، بواسطة أدوات “أوتوماتيكية وغير دقيقة، أدت إلى مقتل غير متورطين”، وأدرج النظام، في مرحلة ما، أسماء ما يصل إلى 37 ألف فلسطيني ضمن بنك الأهداف.
وكشف ضباط المخابرات أن المسؤولين في جيش الاحتلال سمحوا بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، خصوصًا خلال الأسابيع الأولى من الحرب، عبر اعتبارهم “خسائر جانبية” لعمليات الاستهداف التي حددها نظام “لافندر”، بحيث سمح بقتل من 15-20 مدنيا فلسطينيا خلال كل هجمة تستهدف “ناشطا صغيرا في حماس”، في إشارة إلى فلسطينيين غير معروفين اعتبر نظام الذكاء الاصطناعي أنهم عناصر في فصائل المقاومة.
“قنابل غبية” لـ”تدمير المنازل على سكانها حرفيا”
تابع منصة شباب اف ام عبر أنستغرام
ونقل التقرير عن أحد ضباط المخابرات قوله: “لم نكن مهتمين بقتل النشطاء العسكريين (لحماس) فقط عندما يكونون في منشأة عسكرية، أو أثناء قيامهم بنشاط عسكري. على عكس ذلك تماما، قصف الجيش منازلهم دون حساب، كخيار أول. من الأسهل بكثير قصف منزل العائلة. النظام مبني على تعقبهم ورصدهم في هذه المواقف”.
وكشفت المصادر أن الجيش الإسرائيلي اتخذ قرارا بالاعتماد المباشر على “لافندر” في تحديد الأهداف بعد نحو أسبوعين على اندلاع الحرب، بعد أن كان النظام يستخدم كأداة لتقديم توصيات بهذا الشأن بعد أن “تحقق معدل دقة بنسبة 90% في التعرف على ناشطي حماس”؛ وأنشأ النظام قاعدة بيانات تضم عشرات الآلاف من الأفراد الذين صُنّفوا على أنهم أعضاء من ذوي الرتب المنخفضة في الجناح العسكري لحماس.
ونقل التقرير عن أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا نظام الذكاء الاصطناعي قوله: “على حد علمي، هذا أمر غير مسبوق”، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يثق بنظام “لافندر”، أكثر من ثقته بـ”الجنود الذين كانوا يندبون على شخص يعرفونه قتل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر خلال مشاركتهم في الحرب”، معتبرا أن “النظام يعمل وفق حسابات باردة (من دون تأثير العواطف) ويجعل الأمر أسهل”.
وكشف التقرير أن جيش الاحتلال سمح بقتل 15 أو 20 مدنيًا كـ”خسائر بشرية” خلال الغارات الجوية على مسلحين ذوي رتب منخفضة. وقالت المصادر إن الهجمات على مثل هذه الأهداف تُنفذ عادة باستخدام ذخائر غير دقيقة (قنابل غبية – غير موجهة)، تؤدي عادة إلى تدمير منازل بأكملها وقتل جميع ساكنيها. وقال أحد ضباط المخابرات: “لا تريد أن تضيع قنابل باهظة الثمن على أشخاص غير مهمين، فهي مكلفة للغاية بالنسبة لنا وهناك نقص في الذخيرة”.
تابع منصة شباب اف ام عبر منصة “يوتيوب”
“أقوم باختيار العشرات من الأهداف يوميا”
وعن طريقة استخدام النظام، قال أحد الضباط إن “لافندر” يمنحه الأفضلية لاختيار “هدف” خلال “20 ثانية” في هذه المرحلة من الحرب، وأضاف “أقوم باختيار العشرات من هذه الأهداف في كل يوم. لا أقوم بشيء باستثناء إعطاء ختم الموافقة (النهائي، على الأهداف المقترحة من قبل لافندر). لقد وفّر هذا الكثير من الوقت”.
وقال ضابط آخر إن “السؤال الرئيسي الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي عند اتخاذ قرار بشأن الهجوم هو ما إذا كانت ‘الأضرار الجانبية‘ التي تلحق بالمدنيين تسمح بتنفيذ الهجوم، لأننا هاجمنا في الغالب بأسلحة غير دقيقة، وهو ما يعني – حرفيًا – هدم المنزل على ساكنيه”؛ وتابع “حتى عندما لا تتم الموافقة على الهجوم، لا يهم، أنتقل على الفور إلى الهدف التالي. بسبب نظام (التعرف على الوجه)، فإن الأهداف لا تنتهي أبدًا، تُنتج بطريقة آلية”.
ونقل التحقيق عن خبراء أن استخدام إسرائيل لقنابل غير دقيقة لتسوية منازل الآلاف من الفلسطينيين، الذين ربطهم الذكاء الاصطناعي بعناصر المقاومة، يمكن أن يساعد في تفسير عدد الشهداء المرتفع بشكل صادم في الحرب الجارية في القطاع، حيث ارتفعت حصيلة الشهداء إلى أكثر من 32 ألفًا و975، والمصابين إلى 75 ألفًا و577، بحسب الحصيلة التي صدرت الأربعاء عن وزارة الصحة في قطاع غزة.
المصدر: ترجمة وكالات
ر.ن