على امتداد الجبل الصخري، في ريف مدينة السند الجبل التابعة لمحافظة قفصة (جنوب غربي تونس) تنبعث روائح الإكليل والزعتر الزكية من كل صوب، في هذه الربوع المنسية أين تولي بصرك تشد انتباهك مغاور متناثرة تثقب الجبل على شكل أبنية مهجورة، حجارتُها اقتباساتٌ من الماضي.
فالأبواب الخشبية القديمة، وأعمدةُ الرُّخام، تلخص وجه المدينة وتاريخها، بعدما حولتها الشابة مريم الناصري من مغاور بربرية مهجورة مهددة بالسقوط، إلى مشروع دار ضيافة اختارت له اسم “دار الشيخ”.
تقول الناصري إنّ دار ضيافتها “تحفظ تاريخا يعود إلى أكثر من 200 سنة، فقد باتت قبلة لمئات السياح والزوار وكل من يهرب من ضجيج المدينة، أو يفكر بقضاء إجازة، فهي من كان لها الإسهام الكبير في تصنيف منطقة السند إلى بلدية سياحية”.
فبين هذه المنحنيات عاش أجدادها الأمازيغيون، وبنوا وشيدوا هذه المعالم التاريخية لتكون الأرض اليوم شاهدا على ثراء المخزون الحضاري الذي تركوه.
بسلاح العزيمة والصبر، نجحت هذه الشابة، الحاصلة على شهادة جامعية في إدارة الأعمال، في أن تصبح أول امرأة تنفض الغبار عن إرث تراثي بربري كبير، بعدما بقي لسنوات طويلة مهملا، لتعرّف بقيمته التاريخية والحضارية، بهدف حفظه للأجيال المقبلة.
في سياق متصل، يقول الباحث بالتراث والتاريخ عبد الستار عمامو إنه لا بد من تشجيع الاستثمار اليوم، خاصة المشاريع التي تسعى للتعريف بتاريخ البلاد وإرثها الثقافي والحضاري، موضحا أنه لابد من تثمين هذا النوع من السياحة البديلة.
ويضيف أن إدراج مهرجان المغاور ليصبح ذا طابع دولي انتصار للسياحة الداخلية التي يمكن أن تقدم حلولا إضافية لمشاكل البطالة، وتعطي فرصة للشباب للتعريف بمخزون وإرث أجداده.
المصدر: الجزيرة نت
أ.ج