كيف وظّفت إسرائيل التكنولوجيا في حربها على غزة وقمع المحتوى الفلسطيني عام 2024؟

كيف وظّفت إسرائيل التكنولوجيا في حربها على غزة وقمع المحتوى الفلسطيني عام 2024؟
02 فبراير 2025
(شباب اف ام) -

أصدر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، يوم الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني، تقريره السنوي “هاشتاغ فلسطين 2024″، الذي يتناول الانتهاكات الممنهجة للحقوق الرقمية الفلسطينية.

يسلط التقرير الضوء على الدور الذي لعبته الأدوات الرقمية الإسرائيلية، بما في ذلك عسكرة الذكاء الاصطناعي، في تضييق المساحات الرقمية الفلسطينية، حيث استُخدمت هذه التقنيات ضمن استراتيجية تهدف إلى تقويض الحضور الفلسطيني على المنصات الرقمية. كما يتناول التقرير تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، التي استمرت لأكثر من 15 شهرًا، وانعكاساتها على المشهد الرقمي والحقوقي في فلسطين.

حملة ممنهجة تستهدف الطلاب الفلسطينيين

وثّق التقرير تصعيدًا غير مسبوق في الجامعات الإسرائيلية ضد الطلاب الفلسطينيين بسبب تعبيراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ووفقًا لجمعية عدالة، اتخذت المؤسسات التعليمية الإسرائيلية إجراءات تأديبية ضد 124 طالبًا فلسطينيًا في 36 جامعة ومعهد تعليمي، إذ تعرض 50% منهم للإيقاف أو الطرد بسبب منشورات تضمنت تضامنًا مع غزة أو تعبيرًا عن الهوية الوطنية.

وتُظهر البيانات أن الحملة، المدعومة من مجموعات يمينية متطرفة داخل الجامعات، استهدفت بشكل خاص الطالبات الفلسطينيات، اللواتي شكّلن 79% من الحالات. كما رصد تقرير مركز حملة أن هذه العقوبات اقتصرت على الطلاب الفلسطينيين، بينما لم تُتخذ أي إجراءات مماثلة بحق الطلاب اليهود الذين نشروا محتوى تحريضيًا أو عنيفًا.

وامتد القمع الإسرائيلي إلى الفضاء الرقمي، فاستهدفت 92% من قضايا “التحريض” فلسطينيي الداخل، وانتهت معظمها بالإدانة. كما شنت السلطات حملات اعتقال طالت مئات الفلسطينيين/ات بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مع توجيه 162 لائحة اتهام حتى نهاية أبريل 2024.

وأدت هذه السياسات إلى تصاعد الرقابة الذاتية بين الفلسطينيين،  فحذف 40% من الشباب منشورات سياسية، فيما خفّض 50% نشاطهم الرقمي خوفًا من المراقبة والملاحقة، ما يعكس جهودًا ممنهجة لتقييد الحريات الفلسطينية في المجال الرقمي.

قمع المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي

أفاد تقرير حملة أن حرية التعبير الفلسطينية تواجه تضييقًا متزايدًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تمارس ميتا وإكس رقابة مكثفة تشمل إزالة المنشورات، تعليق الحسابات، والتلاعب بالخوارزميات، مما يحد من توثيق الانتهاكات ونقل الرواية الفلسطينية. رغم أن “إكس” برزت كبديل أقل قمعًا، إلا أنها فرضت قيودًا على حسابات داعمة لفلسطين، بينما واصلت “ميتا” استهداف المحتوى الفلسطيني بشكل ممنهج، ما أثر على وصول الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. ووثّق مركز حملة شهادات صحفيين ومؤثرين تعرضوا لعقوبات غير مبررة، مما يعكس سياسات رقمية تسعى لإسكات الصوت الفلسطيني.

ويُشير تقرير حملة إلى تقارير إعلامية تربط بين تهديدات حظر تيك توك في الولايات المتحدة وتصاعد الدعم للقضية الفلسطينية على المنصة. فقد صوت الكونغرس لصالح مشروع قانون يُجبر الشركة المالكة “بايت دانس” على بيع التطبيق لأطراف أميركية أو مواجهة الحظر، تحت مبررات تتعلق بالنفوذ الصيني.

ومع ذلك، أوضحت تقارير إعلامية أن التفاعل المتزايد مع القضية الفلسطينية على المنصة كان عاملاً رئيسيًا في تصاعد الدعوات لحظر التطبيق، خاصة بعد مساواة مجلس النواب الأميركي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.

797 انتهاكًا رقميًا استهدفت المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي

وثّق مركز حملة 797 انتهاكًا رقميًا استهدفت المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي خلال العام الماضي، شملت حذفًا أو تقييدًا للمحتوى والحسابات.

بحسب التقرير، سُجلت 596 حالة تقييد أو حذف للحسابات، إضافة إلى 201 حالة حذف مباشر للمحتوى. وتصدرت “إنستغرام” قائمة المنصات الأكثر استهدافًا للمحتوى الفلسطيني بـ428 انتهاكًا، تلاها “تيك توك” بـ166، ثم “فيسبوك” بـ163، بينما توزعت بقية الانتهاكات بين “إكس”، “يوتيوب”، “واتساب” ومنصات أخرى.

توزيع الانتهاكات الرقمية

توزعت الانتهاكات الرقمية وفقًا للجهة المتأثرة ونوع الحساب المتضرر على منصات التواصل الاجتماعي. ووفقًا لتقرير مركز حملة، كان الأفراد الفئة الأكثر استهدافًا، حيث سجلوا 2708 انتهاكات، تليهم وسائل الإعلام (33 حالة)، ثم الشركات الخاصة (19 حالة)، والمنظمات غير الحكومية (12 حالة)، فيما صُنّفت 7 حالات ضمن فئة “أخرى”.

أما من حيث نوع الحسابات المتضررة، فقد كانت الحسابات الشخصية الأكثر تأثرًا بـ 2627 حالة، تليها الصفحات (108 حالة)، ثم القنوات (28 حالة)، والمجموعات (15 حالة)، بينما سُجلت حالة واحدة ضمن فئة “حسابات أخرى”

توزيع الانتهامات الرقمية وفقًا للجهة المتأثرة
توزيع الانتهامات الرقمية وفقًا للجهة المتأثرة

التمييز الرقمي ضد الفلسطينيين وتصاعد خطاب الكراهية

يكشف التقرير عن تصاعد القمع الرقمي للمحتوى الفلسطيني، حيث حدّثت ميتا سياساتها بطريقة تخلط بين الصهيونية والديانة اليهودية، مما أدى إلى إزالة منشورات تنتقد الصهيونية ومنع الدعوات لوقف الحرب. كما فرضت “إكس” و”يوتيوب” قيودًا على المحتوى الفلسطيني، بينما سمحت يوتيوب بانتشار دعاية إسرائيلية مكثفة.

كما كشف التقرير عن حملة تضليل إسرائيلية استخدمت الذكاء الاصطناعي لنشر محتوى معادٍ للفلسطينيين واستهداف مناصريهم. ولم توفر منصات فيسبوك، إنستغرام، وإكس حماية كافية من خطاب الكراهية والعنف ضد الفلسطينيين، حيث وثّق مركز حملة أكثر من 12 مليون منشور تحريضي باللغة العبرية خلال الحرب على غزة.

كما وثّق مركز حملة عبر منصة حُر 2779 انتهاكًا رقميًا تتعلق بالمحتوى العنيف على منصات التواصل الاجتماعي. تصدّر التحريض قائمة الانتهاكات بـ 1958 حالة، ما يشكّل النسبة الأكبر من المحتوى الموثّق، يليه خطاب الكراهية بـ 508 حالات. كما تم توثيق 126 حالة تشويه سمعة و104 حالات أخبار مضللة، في حين سُجّلت 80 حالة اختراق حسابات، و3 حالات ضمن فئة “أخرى”.

توثّيق منصة حر للانتهاكات المتعلقة بالمحتوى العنيف
توثّيق منصة حر للانتهاكات المتعلقة بالمحتوى العنيف

وأشار التقرير إلى تصاعد القيود والرقابة التي يتعرض لها العاملون في شركات التكنولوجيا بسبب مواقفهم الداعمة لفلسطين والمناهضة للحرب على غزة. وبيّن أن موظفين في ميتا، غوغل، وآبل وغيرهم واجهوا تمييزًا ممنهجًا شمل التنمر، الرقابة خارج أوقات العمل، والتضييق الإداري، في محاولة لثنيهم عن التعبير عن آرائهم السياسية في بيئة العمل وخارجها.

التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية

سلّط تقرير حملة الضوء على اعتماد إسرائيل المتزايد على التكنولوجيا العسكرية خلال حربها على قطاع غزة، حيث استخدمت أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لجمع البيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك الهواتف المحمولة وتحليل الأنماط السلوكية، لتحديد الأهداف العسكرية. ومع ذلك، تعتمد هذه التقنيات غالبًا على بيانات غير دقيقة أو غير مكتملة، ما يؤدي إلى استهداف مدنيين فلسطينيين.

كما استخدمت إسرائيل أدوات رقمية متقدمة مثل “غوسبيل”، “لافندر”، و”أين أبي؟” لجمع المعلومات وإنتاج قوائم أهداف يفترض أنها عسكرية، إلا أن معظم المستهدفين كانوا مدنيين فلسطينيين نتيجة الاعتماد على بيانات غير دقيقة في تصنيف الأفراد والمباني.

إلى جانب ذلك، توسعت إسرائيل في أنظمة المراقبة الرقمية، إذ نشرت كاميرات مراقبة واسعة النطاق في الضفة الغربية، وأعلنت عن تنفيذ نظام “يرى-يطلق”، وهو نظام إلكتروني ذكي يتيح تنفيذ عمليات إطلاق نار عن بعد ضد الفلسطينيين في محيط المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية، ما يعكس التوظيف المتزايد للتكنولوجيا في عمليات القتل دون مبررات قانونية.

المصدر: مسبار

س.ب