حوامل دون رعاية أو أغذية شمال قطاع غزة

حوامل دون رعاية أو أغذية شمال قطاع غزة
28 نوفمبر 2024
(شباب اف ام) -

بعد أسابيع من إخراج قوات الاحتلال الإسرائيلي المنظومة الصحية قسرا عن العمل، تحيط تخوفات كبيرة بمستقبل النساء الفلسطينيات الحوامل، وأجنتهن في محافظة شمال قطاع غزة، التي تتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ 29 يوما.

الشابة ياسمين المصري، النازحة في مشروع بيت لاهيا، واحدة من النساء اللواتي يشعرن بقلق على صحة أجنتهن، في ظل غياب المتابعة الصحية الدورية، خاصة بالتزامن مع حالة التجويع والتعطيش التي فرضها الحصار الإسرائيلي المتواصل، الأمر الذي يضاعف من المخاطر المحتملة.

وقبل بدء العدوان البري وحملة التطهير العرقي في الشمال يوم 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت المصري تتابع حالتها الصحية ووضع الجنين من خلال زيارات دورية للأطباء في مستشفى “العودة” (أهلي)، ومركز صحي قريب من مكان سكنها.

تكثفت هذه الزيارات بالتزامن مع وضع الحمل غير المستقر، والذي يمر بشهره السادس، وفق ما أبلغها به الأطباء الذين أكدوا منذ الشهر الأول أهمية المتابعة الدائمة لضمان نمو الجنين بشكل صحيح، دون مضاعفات على صحة أحد منهما.

وتضيف الشابة الفلسطينية لوكالة “الأناضول”، أن غياب المتابعة طوال هذه المدة سبب لها “تعبا وآلاما كثيرة، وسط شعور بالخطر الحقيقي على حياتي وحياة الجنين”.

وأكملت: “لا أعرف إلى أين أذهب لتلقي الاستشارة الطبية والعلاج في ظل الوضع الأمني الخطير”.

وحسب حديث المصري، فإن “التحرك بمنطقة نزوحي خطيرة جدا، في ظل استهداف الطائرات الإسرائيلية المسيرة بالنيران والقذائف أي جسم يتحرك في الشارع”.

وتتخوف الشابة من “استمرار العدوان لأكثر من هذا الحد، ما سيضاعف من حجم الخطر عليّ وعلى مئات الحوامل اللواتي ما زلن محاصرات في الشمال”.

وفي 5 أكتوبر الجاري، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، وسط حصار، ودمار، وحرب إبادة، ونزوح قسري، وتطهير عرقي، ما خلّف أكثر من 1500 شهيد، وعشرات الجرحى، والمفقودين.

رحلة “حمل” قاسية

تجربة مماثلة تعيشها الفلسطينية أماني فدعوس من بلدة بيت لاهيا، حيث تقول إنهم حاولوا منذ بداية العدوان، الخروج من “المنزل والنزوح إلى مدينة غزة للنجاة بأرواحنا وروح الجنين، لكن الطرق كانت مغلقة”.

وأضافت، أن زوجها أيضا رفض خروجهم عبر نقطة تفتيش للاحتلال، خوفا عليّ وعلى حملي من اعتداء جنود الاحتلال، لأن حالتي خاصة والأطباء حذروني كثيرا من المشي مسافات طويلة، أو التعرض لأي شيء مؤذٍ”.

لذا قرروا المكوث في “محافظة الشمال مع آلاف الأهالي”، لكنها تصف هذه التجربة بـ”القاسية جدا بسبب حملي لاحتياجي للعناية والرعاية، خاصة مع ظل اقتراب موعد الولادة الذي تم تحديده في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري”، وفق قولها.

وتعرب عن تخوفاتها من مجيء موعد ولادتها وسط استمرار العدوان، وعدم تمكنها من الولادة في المستشفى بشكل طبيعي.

ووفق فدعوس، فإن مولودها الذي ينتظرونه له “مكانة خاصة لدى العائلة كونه يأتي بعد 10 سنوات من الانقطاع”.

وعن تجربة الحمل خلال الإبادة، تصف فدعوس قائلة: “كل شيء مختلف ولا تتوفر أي مقومات صحية أو رعاية أولية، إنها رحلة قاسية ممتلئة بالعقبات والوصول إلى الولادة السليمة أمراً ليس هيناً أبداً للواتي يعشن في الشمال”.

مضاعفات التجويع والتعطيش

تتسبب حالتا التجويع والتعطيش اللتين فرضهما الحصار الإسرائيلي على محافظة الشمال بالتزامن مع بدء عدوان الاحتلال، بمضاعفات صحية على الحوامل خاصة اللواتي يعانين مخاطر صحية بداية حملهن وانقطعن عن الرعاية الصحية وتلقي العلاجات.

تقول المصري عن ذلك: “منذ بدء الحصار لا نتلقى أي طعام صحي أو شراب، كثيرا ما أقضي وقتي جائعة لا أجد ما يسد رمقي، وأحيانا أشعر بقرب فقدان الوعي، بسبب ذلك الأمر”.

وتشير إلى أنهم يعتاشون حاليا “على ما تبقى لدينا من معلبات وبقوليات وهي أطعمة تحتوي على مواد حافظة بكثرة ما يلقى بظلاله السلبية على صحتي وذلك لأضرارها الكثيرة”.

وتشاركها التجربة فدعوس قائلة، إنها اعتادت في شهور حملها الفائتة “على تناول الأطعمة الطازجة من خضار وفواكه ولحوم وألبان، لكن التجربة هذه المرة مختلفة كثيراً وقاسية بسبب نقص الغذاء والمياه”.

ومنذ بدء العدوان، أشارت فدعوس إلى أنها تأكل “الخبز فقط في معظم الأيام دون توفر أي نوع آخر من الغذاء”، لافتة إلى نفاد ما توفر لديهم من مخزون في أيام الحصار الأولى كما أننا لم نتسلم أي مساعدات منذ ذلك الحين.

4 آلاف سيدة حامل

وحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان، قبل يومين، من تصاعد أزمة الصحة الإنجابية في شمال قطاع غزة.

وقال في بيان: “الهجمات على المستشفيات بما فيها مستشفى كمال عدوان (الجهة الرئيسية لتقديم خدمات الولادة الطارئة)، أدت إلى إغلاق آخر وحدات الرعاية المركزة لحديثي الولادة في الشمال”.

وأوضح، أن “ذلك زاد من صعوبة الوصول إلى خدمات رعاية الأمومة لنحو 4 آلاف سيدة حامل في المنطقة”.

وذكر أن هناك “تقارير متزايدة بشأن وفاة النساء أثناء الولادة أو بعد وقت قصير من ولادتهن، فيما تلد أخريات بمفردهن، بدون رعاية طبية”.

وقبل عدوان الاحتلال الأخير على محافظة الشمال، كان مستشفى “العودة” أكبر المرافق الصحية التي تستقبل وتتابع حالات “النساء الحوامل” والولادة، فيما كانت تُحول الحالات الصعبة إلى مستشفى “كمال عدوان”.

وعمد جيش الاحتلال منذ بداية العدوان على إخراج المستشفيين عن الخدمة إلى جانب مستشفى “الإندونيسي”، بالاستهداف المتكرر، والاقتحام، ومنع وصول الأدوية، والمستلزمات الطبية، واستهداف المرافق، ما جعل تقديم الخدمة للنساء والحوامل أمرا شبه مستحيل.

إلى جانب ذلك عمل جيش الاحتلال على تحييد عمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني، ما صعب وصول الحالات للمستشفيات في تلك المنطقة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب قوات الاحتلال إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

المصدر: وفا

ي.ك