الباحث اللغوي د. بسام الأغبر يصدر كتابًا محققا جديدًا

الباحث اللغوي د. بسام الأغبر
21 نوفمبر 2024
(شباب اف ام) -

أنهى الباحث اللغوي د. بسام الأغبر تحقيق مخطوط (إطباق الأطباق)، لشيخ الإسلام، ومفتي الدولة العثمانية، ابن أبي إسحاق، المشهور بـ “أسعد أفندي”، المتوفى (1166هـ= 1750م).

 ويعالج هذا الكتاب، في مقالات بلغ مجموعها (101) مقالة، قضايا أخلاقية تربوية، بلغة أدبية رصينة، وأسلوب وعظي يهدف إلى تماسك المجتمع، والترفع عن توافه الأمور، وسمو أبنائه نحو العلياء.

لقد اقتفى المفتي أسعد أفندي طريق العلماء من قبله، فقد جاء هذا المؤلَّف ليشكل الضلع الثالث من أضلاع البناء الذي وضع قواعده الإمام الزمخشري، في مؤلفه المشهور “أطواق الذهب في المواعظ والخطب”، والعلامة شوروه الواعِظ، عبد المؤمن بن هبة الله المغربي الأصفهاني في كتابه: “أطباق الذهب في المواعظ والأَدب”. وفي العصر الحديث أخرج لنا أمير الشعراء كتابه “أَسواق الذهب”، وذكر في مقدمته فضل العالمين السابقين الزمخشري والأصفهاني، وتفردهما أسلوباً ولغةً.

وصف خبير المخطوطات أ.د. فيصل الحفيان. المدير السابق لمعهد المخطوطات العربية في القاهرة، والمدير التنفيذي لدار المخطوطات- إستانبول، هذا الكتاب بالذهب! لجهات ثلاث:

  • جهةِ القيم والأخلاق، التي يدعو لرفيعها وعاليها، ويحذِّر من دنيِّها وسافلها.
  • وجهةِ الَّلبوس اللغوي (التليد) الذي يتحلَّى ويتجلَّى به.
  • وجهة العالمية (الأنيسة) لا العولمة (المتوحشة) التي يدلُّ عليها دلالةً؛ لا أبلغَ ولا أوضح.

    وذلك كلُّه موصولُ النسب بالدين الخاتم، الذي ارتضى الله تعالى للناس، وبالتراث العظيم، الذي راكمه هذا الدين على مدى قرونٍ متطاولة من الزمان.

ويرى أ.د. فيصل الحفيان، أن هذا الكتاب قد كُتب بلغة متفرِّدة؛ مؤصَّلة، حتى كأنَّ صاحبه يريد أن يستحييَ مواتَها، ويجدِّد شبابها، ويستأنس حوشيَّها، ويُعيد ألَقها؛ الذي كان.

 ويتابع أ.د. فيصل الحفيان في تقديمه للكتاب قائلاً: نحن في حضرة نصٍّ عال، سواءً في مضامينه، أو في لغته، حتى إن قارئه يشعر أنه أمام نصٍّ شعري، من مثل شعر العجاج، أو رؤبة، حيث مفرداتُ اللغة وتراكيبُها غاية، أو نصٍّ نثريٍّ من مقام مقامات البديع الهمذاني أو الحريري، حيث الصنعةُ اللغوية   أسلوبٌ وطريقة، حتى إنه ليسوغ لنا أن ننعتَه بأنه (مقامات وعظية).

سار المحقق د. بسام الأغبر في إخراجه هذا المخطوط الطرق العلمية في تحقيق المخطوطات؛ إذ اعتمد على ثلاث نسخ خطية للمخطوط، موجودة في مكتبات المخطوطات، هي مكتبة أسعد أفندي وعاطف أفندي، وعارف أفندي، وقال المحقق شارحاً المنهجية العلمية التي اتبعها في تحقيقه:

أولاً- ضبطنا الكلمات، وأزلنا اللبس بالشكل الذي يوضح المعنى المقصود؛ لأَنَّ هذه المقالات اعتمدت اعتماداً كبيراً على المحسنات البديعية، فكان ضبط المفردات بالشكل من أَهم ما اعتنينا به.

ثانياً- كتبنا الآيات القرآنية بالرسم العثماني.

ثالثاً- تحققنا من صحة الأحاديث النبوية.

رابعاً- عُدنا إِلى المصادر اللغوية، والأدبية، للتثبت من دقة النصوص، وعزوها إلى أصحابها.

وقد أثنى خبير المخطوطات أ.د. فيصل الحفيان، على المنهجية العلمية التي سار عليها المحقق، قائلاً: “إذا كان التحقيق – فيما نرى – عملًا علميًّا رفيعَ المستوى، إذا ما صدق العمل فيه وله، وكان من أهله، فإنه يغدو أكثرَ رفعة عندما يتعلَّق الأمر بنصٍّ ذي خصوصية كهذا النصِّ الذي نَهَدَ له بسام الأغبر، فحمل أثقال مضامينه، ومن قبلُ لغته، فقام على تلك، وعلى هذه، خيرَ قيام، فلم يغادر لفظًا إلا فسَّره، ولا تركيبًا إلا فكَّ مستغلقه.  لعل المحقق الشابَّ قد شاب، وهو يعاني النص، فلله هو، ولله خدمته للنص”.

وصدر هذا الكتاب عن دار نقطة للنشر والتوزيع- بيروت، في (245) صفحة من القِطع الكبير.

يُذكر أن د. بسام الأغبر، حاصل على درجة الدكتوراة، من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية، في العلوم اللغوية، وهو باحث نُشر له أكثر من 17 بحثا علميا محكما في مجلات دولية، ويُسند إليه تحكيم أبحاث علمية في عدد من المجلات العلمية المشهورة، ويُعدُّ هذا الكتاب السادس للباحث الأغبر