منذ اعلان حكومة الاحتلال عن إنشاء شركة مصرفية جديدة باسم “شركة خدمات المراسلة المساهمة المحدودة” عام 2022 لما ارجعته لتنظيم العلاقات المالية بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية، بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، لم تقم حكومة الاحتلال بأي اجراء فعلي لتنفيذ ذلك لكن وزير المالية في حكومة الاحتلال يصمم على الوصول لهذا الانفصال البنكي.
تابع منصة شباب اف ام عبر “إكس”
وبالفعل فإذا لم تتخذ حكومة الاحتلال أي قرار يتجاوز قرار وزير المالية أو عقد أي كابينيت سياسي خلال يومين، فمن المفترض أن تبدأ قطيعة للبنوك الفلسطينية عن المنظومة البنكية في إسرائيل – وعن كل العالم الإثنين المقبل لكن مجلس وزراء الاحتلال وافق اليوم على تمديد العلاقات المصرفية بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية لمدة ثلاثة أشهر ابتداءً من 1 أبريل.
فيما تتعالى تحذيرات أوساط سياسية واقتصادية وحتى أمنية في “إسرائيل” من هذا الوضع، وتقول إن إبقاء الأزمة يهدد بانهيار النظام النقدي الفلسطيني وستكون له تبعات أمنية خطيرة.
الشركة الجديدة تهدف إلى استبدال البنوك الإسرائيلية المتخوفة من التعامل مع البنوك الفلسطينية بسبب قانون الإرهاب الأمريكي، وتسعى إلى تنظيم العلاقة المالية بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية بشكل مباشر من قبل وزارتي المالية ووزاة الجيش الإسرائيليتين.
تابع منصة شباب اف ام عبر أنستغرام
خطورة هذا القرار تكمن في إحكام رقابة واسعة تنفذها الشركة الجديدة على البنوك الفلسطينية، بما في ذلك متابعة الحركات المالية والتأكد من وجهتها ومصدرها، بالإضافة إلى تكثيف إجراءات الضبط والرقابة على كل الحركات المالية داخل أراضي السلطة الفلسطينية كما أن هذه الشركة ستحول البنوك الفلسطينية تحت رقابة وزارة جيش الاحتلال والمالية الاسرائيلية.
تدعي إسرائيل أن الهدف من إنشاء الشركة هو تسهيل تحويل أجور العمال الفلسطينيين العاملين داخل” إسرائيل “إلى عائلاتهم، إلا أن القانون الجديد يتيح لإسرائيل إمكانية تكثيف رقابتها على البنوك الفلسطينية والتحكم في العديد من العمليات المالية.
ليس ذلك فحسب فقد أشارت صحيفة هآرتس العبرية أن قرار وزير المالية سموتريتش أراد معاقبة الأمريكيين والبنوك الإسرائيلية على تفعيل العقوبات على بعض المستوطنين المتطرفين. ولأن الإدارة اعتبرت المستوطنين المتطرفين إرهابيين، فإن جميع البنوك في العالم الخاضعة لقواعد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب كان عليها وقف نشاطاتهم المالية. هكذا فعلت البنوك في “إسرائيل” عندما أغلقت حساباتهم. غضب سموتريتش من هذه الخطوة، رغم أن الأمر يتعلق بعدد محدود من الإسرائيليين مقابل آلاف الفلسطينيين (الأسرى) الذين تم تجميد حساباتهم استناداً لنفس السياسة والادعاء بأنهم “ارهابيين”، لذلك قرر القيام بخطوة مقاطعة البنوك الفلسطينية بواسطة وقف الحماية المعطاة لبنكي هبوعليم وديسكونت الوسيطان ما بين البنوك الفلسطينية والمنظومة البنكية الاسرائيلية والعالمية.
ظاهرياً الجانب الإيجابي من هذا القرار هو تحويل رواتب العمال الفلسطينيين إلى البنوك الفلسطينية إلى إدخال أكثر من 100-120 ألف عامل فلسطيني إلى المنظومة البنكية الفلسطينية، ما يمنحهم إمكانية الحصول على ائتمانات وقروض والتمتع بالخدمات البنكية الفلسطينية، لكنه في المقابل يعني ضمناً تعريض البنوك الفلسطينية لرقابة أمنية ومالية إسرائيلية أكبر.
تابع قناة شباب اف ام عبر تلغرام
تتفاقم جملة العقوبات المالية التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينين منذ سنوات التي كان أبرزها منع السلطة الفلسطينية من إيداع مخصصات الأسرى في البنوك الفلسطينية وتحويل صرفها للبريد الفلسطيني، هذا عدا عن عمليات الابتزاز والضغوط التي يمارسها الاحتلال فيما يخص الاقتطاع من أموال المقاصة الفلسطينية (عائدات الضرائب) التي كان آخرها منذ السابع من اكتوبر حيث اقتطع الاحتلال ولا يزال رواتب موظفي قطاع غزة مما يفاقم أزمة السلطة المالية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي سيحدث في حالة تطبيق قرار وزير المالية الاسرائيلي، ماذا عن العملة التي ستتداولها السلطة الفلسطينية، وما التعديل الممكن على برتوكول باريس التابع لاتفاقية أوسلو ..وما تداعيات ذلك على النظام المصرفي الفلسطيني؟.
المصدر:المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية “مدار”
ع.د