الهدّاف المشتبك: أحمد دراغمة لاعب فلسطيني سجل آخر أهدافه بدمه

الهدّاف المشتبك: أحمد دراغمة لاعب فلسطيني سجل آخر أهدافه بدمه
26 نوفمبر 2024
(شباب اف ام) -

6 أهداف سجّلها الشاب الفلسطيني أحمد عاطف دراغمة هذا العام أضحى بها بطلا في الدوري الفلسطيني لكرة القدم. لكن هدفا مضادا جاء من بندقية قناص إسرائيلي باغته في مواجهات شهدتها مدينة نابلس ومحيطها؛ أرداه شهيدا.

فبُعيد منتصف الليلة الماضية بقليل اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي المنطقة الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية، لتأمين وصول عشرات المستوطنين إلى “قبر يوسف” وأداء طقوس دينية فيه. ويعود هذا القبر لأحد الشيوخ الفلسطينيين الصالحين، بينما يزعم المستوطنون أنه يعود للنبي يوسف عليه السلام.

وبعد انتشارهم في عدة مناطق شرقي المدينة، بدأ جنود الاحتلال بإطلاق نيرانهم صوب عشرات الشبان الفلسطينيين أرادوا التصدي للاقتحام. وخلال مواجهات استمرت لعدة ساعات أصيب الشاب أحمد دراغمة برصاصة من النوع الحي المتفجر في بطنه وأدت إلى استشهاده قبل وصوله المستشفى. بينما ذكرت مصادر محلية أنه استشهد في اشتباك مسلح مع الاحتلال.

وخلال المواجهات أصاب الاحتلال 6 فلسطينيين بالرصاص الحي، اثنان منهم بحالة خطيرة، إضافة لإصابة أكثر من 30 آخرين بشظايا الرصاص والاختناق بالغاز المسيل للدموع.

وأعاقت قوات الاحتلال طاقم الإسعاف خلال محاولاته تقديم إنقاذ الشاب دراغمة بعد إصابته، وأغلقت محيط المكان بالسواتر الترابية لحماية المستوطنين، بينما اعتلى قناصتها أسطح المنازل المحيطة بقبر يوسف.

من أسرة مقاومة

وأحمد دراغمة (23 عاما) أحد أبناء مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، وفيها ولد وترعرع، وبمدارسها تلقى تعليمه الأساسي والثانوي، حيث تخرج في الفرع الأدبي عام 2018 والتحق بكلية التربية الرياضية بجامعة القدس المفتوحة، وبعد تخرجه آثر مساعدة والده بالعمل رفقته بأحد مصانع التمور في الأغوار الفلسطينية.

وينتمي الشهيد إلى عائلة فلسطينية مناضلة، فوالده الأسير السابق عاطف دراغمة والذي اعتقل لمدة 15 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تعرض خلالها لتحقيق وتعذيب قاسٍ. كما اعتقل الاحتلال عمّار دراغمة (عم الشهيد) مرتين وقضى 8 سنوات في سجونه.

وأحمد هو الشقيق الأصغر للأسير أدهم دراغمة (26 عاما) الذي يقبع منذ عام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقد أُسر سابقا نحو 3 سنوات أيضا.

نشأ شغوفا بكرة القدم

من مدينته طوباس، جاء أحمد دراغمة ليلا ليدافع عن مدينة نابلس واستشهد فوق ثراها، بعد أن تميّز بشغفه بكرة القدم التي احترفها منذ صغره، فالتحق بنادي طوباس في دوري الناشئين ليصعد لاحقا لدوري المحترفين.

وحظي أحمد بعروض من فرق مختلفة لا سيما “نادي شباب بلاطة” بنابلس و”نادي ثقافي طولكرم”، وهما من أبرز الأندية الكروية في الدوري الفلسطيني.

وانضم دراغمة إلى “نادي ثقافي طولكرم” في الموسم الأخير، وخاض عدة مباريات سجل خلالها 6 أهداف. غير أن استهدافه من قناص إسرائيلي برصاصة في البطن “أحدثت تهتكات كبيرة وأدت إلى استشهاده على الفور”، كما روى عمه بشار دراغمة.

عيون أبيه

يقول عمّه للجزيرة نت إنه كان محبوبا من الكل وكان خلوقا، ومنذ صغره أحب كرة القدم واحترفها وكان يهوى ركوب الخيل أيضا، وأصبح في الدوري الأخير معروفا بين الجماهير الرياضية. كما يُعرف بالتزامه الديني وبالصلوات في المسجد. ويقول عمه إن أحمد عُرف بـقراءة الفاتحة على روح الشهداء مع كل هدف كان يسجله.

وأمام جثمانه بمستشفى رفيديا بمدينة نابلس، وقف والده يدعو له “الله يرضى عليك يابا” وقال “أحمد عيوني”، أما والدته فاحتضنته في حالة وجع صعب

“الهدّاف المشتبك”

ونعى “نادي ثقافي طولكرم” الشهيد وقال إنه أحد لاعبيه المحترفين، كما نعاه المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني (جهة حكومية)، وقال إنه أحد أبرز لاعبي الدوري الفلسطيني.

وأطلق رياضيون وناشطون فلسطينيون وسوم خاصة بالشهيد مثل “#الهداف_الشهيد و#الهداف_المشتبك”. وكتب المعلق الرياضي الفلسطيني خليل جاد الله على صفحته بفيسبوك “يقـول المعلقون: “تشرّفنا بالتعليق على نهائي كأس العالم، أو تشرّفنا بالتعليق على مباراة فيها ميسي، ورونالدو، ومبابي.. إلخ، أما أنت يا أحمد فقد أعطيتنا شرفا أكبر، سنقول للناس “علّقتُ على هدف سجّله الأسطورة، سجّله الشّهيد، المقاتل، البطل، أحمد عاطف دراغمة”.

وتحدّث جاد الله عن اللمسة الخاصة التي كان يسجّل بها أحمد دراغمة أهدافه المميزة. وقال “عزاؤنا أنك رحلت مقاتلا، بطلا كما عرفناك”.

أما الناشط فارس بلالو فكتب “الهداف الفلسطيني قتله قناص إسرائيلي قبل قليل في نابلس”. بينما كتب الناشط علام دويكات “أوقفت رصاصات إسرائيلية مسيرته الكروية”. وعلق الناشط فخر الرنتيسي “الشهيد اللاعب الهدّاف أحمد عاطف، اختار أن يشارك في مونديال من نوع آخر، لا يدخله إلا الرجال الرجال، مسجلا أهدافه بالدّم، بلغ النهائي وفاز بأرفع جائزة، وتوّج على عرش البطولة ممتشقا سلاحه”.

وحتى أحمد نفسه، لم يفته أن يقدم نفسه شهيدا قبل أيام قليلة من استشهاده، فاختار أن يتوج غلاف صفحته في فيسبوك بصورة درامية لشبان يحملون شهيدا مسجى ويرفعونه للأعلى. وعلّق في حسابه بمنصة إنستغرام قائلا “وإني على خطى الشهداء وإن تأخرت قدماي، فروحي متقدمة”.

مئات الرياضيين الشهداء

وينضم أحمد دراغمة إلى نحو 700 فلسطيني كانوا ناشطين رياضيين أو لاعبين في أندية محلية، قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في العقود ما بعد احتلال 1967 وفق موقع “قدس سبورت” الفلسطيني المتخصص بالرياضة.

ووصف رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطينية جبريل الرجوب قتله بـ”الجريمة الجديدة” التي “تضاف إلى مسلسل الإجرام المستمر بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين خاصة، والشعب الفلسـطيني عامة”.

وقال بيان للاتحاد الفلسطيني إن قتل دراغمة يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والشرائع الدولية والرياضية والإنسانية، ويأتي في ظل احتفاء العالم بانتهاء بطولة كأس العالم، “مما يؤكد تيقّن الاحتلال من إفلاته من أي عقوبات رادعة، وكأنه فوق القانون”.

 

المصدر: الجزيرة

ر.ن