بينما يستمر الاقتتال على الأرض الأوكرانية بين الجيشين الروسي والأوكراني، تظهر رسائل ومؤشرات استخباراتية وسياسية تفيد برغبة أطراف النزاع في اللجوء إلى مسار التهدئة والتفاوض لإنهاء الحرب المستمرة منذ شهور.
فقد رجحت الاستخبارات الأميركية انخفاض وتيرة القتال في أوكرانيا خلال الأشهر المقبلة. وجاء ذلك على لسان مديرة الاستخبارات أفريل هينز أمس السبت، خلال مشاركتها في منتدى ريغان للدفاع الوطني المقام في ولاية كاليفورنيا غربي أميركا، والتي استندت في ترجيحها إلى معطيات بينها ما سيفرضه الشتاء المقبل من بيئة مختلفة للصراع.
وتعليقا على تقرير الاستخبارات الأميركية، قال لاري كورب، مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق وكبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي إن المعلومات التي قدمتها موثوقة.
وأضاف لبرنامج “ما وراء الخبر” أن الطرفين الروسي والأوكراني سيكون من الصعب عليهما تحقيق مكاسب عسكرية في ظل الشتاء القارس والصعب، وذلك سيسمح بتوفير هامش للمفاوضات السياسية بينهما.
غير أن السفير أندريه بكلانوف، نائب رئيس جمعية الدبلوماسيين الروس شكك في تقارير الاستخبارات الأميركية وقال إنها ضعيفة ومحدودة، وإن الجيش الروسي مهيأ للقتال رغم الظروف الجوية الصعبة.
وربط مراقبون بين تقرير الاستخبارات الأميركية ودعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منح موسكو ضمانات أمنية في حال عادت إلى التفاوض، وهي الدعوة التي جاءت بعد زيارة قام بها ماكرون إلى الولايات المتحدة الأميركية التي كان رئيسها جو بايدن قد أقر بانفتاحه على مبدأ إجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب.
وقال ماكرون إن بلاده ستواصل دعم أوكرانيا عسكريا وإنها ستزود كييف بمزيد من الأسلحة. وأكد أن هذا الدعم لن يشمل أي معدات عسكرية تُمكن أوكرانيا من مهاجمة الأراضي الروسية بما يقحم فرنسا في الصراع.
وأكد مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق وجود تنسيق بين باريس وواشنطن بشأن أوكرانيا والدليل على ذلك أن الرئيس الفرنسي أصدر تصريحاته بعد اللقاء الذي جمعه بنظيره الأميركي في واشنطن.
وتبعث تصريحات ماكرون رسالة مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة لدعم الضمانات الأمنية التي ستقدم لروسيا والتي لخصها كورب في نقطة واحدة وهي أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في القريب المنظور، وقال إن الولايات المتحدة التي تدعم كييف بأكثر من 100 مليار دولار ولأسباب سياسية لا يمكنها أن تضغط على أوكرانيا.
وفي حال رفضت موسكو ما تعرضه فرنسا، فإنها الدول الداعمة لأوكرانيا -يواصل الضيف الأميركي- ستوفر لها الاحتياجات اللازمة لكي تنتصر في الحرب، ولو استعادت كييف خيرسون فربما تكون وجهتها محاولة استعادة شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها روسيا عام 2014.
ومن وجهة نظر الروس، فإن التفاوض يكون مع الأميركيين الذي يقفون ويديرون ما يجري في أوكرانيا وليس مع ماكرون أو الأوروبيين، كما يقول السفير بكلانوف الذي حدد في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” 3 شروط روسية للتفاوض مع الغرب.
وأوضح أن الشروط تتمثل في نزع “النظام النازي” بأوكرانيا ومقاضاته، ونزع سلاح الجيش الأوكراني، وثالثا حل جميع المشاكل الإنسانية وتحديد وضع الحدود الأوكرانية الحالية.
وأكد السفير بكلانوف أن 4 مقاطعات أصبحت روسية، وأن موسكو ستحاول الوصول إلى اعتراف كامل بما اعتبره حقوق روسيا على هذه المناطق.