تسببت الفيضانات التي ضربت باكستان في الأسابيع الماضية في كارثة جديدة تهدد الأمن الغذائي؛ إذ تضررت مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية التي تعتمد عليها السوق المحلية والتي تستخدم للتصدير أيضا.
باكستان تعرضت لفيضانات مدمرة بدأت في تموز 2022، جراء زيادة نسب الأمطار الموسمية وفيضان الأنهار الرئيسية في البلاد، مخلفة دمارا كبيرا على مستوى البنية التحتية والأراضي الزراعية، إلى جانب خسائر فادحة في الأرواح ادت وصول عدد الوفيات إلى 1282 شخصا على الأقل، ثلثهم من الأطفال.
وزيرة التغير المناخي، شيري رحمان قالت إن الفيضانات الموسمية “الوحشية” جرفت 45% من الأراضي الزراعية في باكستان، لا سيما في السند، وتسببت في أضرار بنحو 10 مليارات دولار بشكل عام. وتشير التقديرات العالمية إلى أن المياه غمرت ثلث مساحة البلاد.
ودمرت الأمطار والفيضانات محاصيل الأرز والقطن، إلى جانب الخضار مثل البصل والطماطم، بالإضافة إلى بعض محاصيل الفواكه، كما أنها تهدد زراعة القمح في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة غذاء عالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
نائب رئيس منتدى الأعمال الباكستاني، أحمد جواد قال “إن القطن والخضروات تم القضاء عليه تماما في العديد من الأماكن الرئيسية”، وفقا لصحيفة “ذا نيوز إنترناشونال” الباكستانية، ونقلت الصحيفة عن وزير التخطيط أحسن إقبال قوله -نقلا عن تقديرات أولية- إن ما يصل إلى نصف محصول القطن في باكستان تضرر بسبب الأمطار الغزيرة.
وحذر مسؤولون وزراعيون في باكستان من احتمال تعرض البلاد لأزمة غذائية نتيجة هذه الكارثة، ونقلت النسخة الباكستانية من صحيفة “عرب نيوز” عن غرفة الزراعة في إقليم السند أن التقديرات الأولية تشير إلى أن الخسائر النقدية التي تكبدها قطاع الزراعة قد تجاوزت بكثير 500 مليار روبية في السند وحدها.
هذا الدمار يهدد بأزمة انعدام الأمن الغذائي في باكستان، وهي أزمة عانت منها باكستان بعد فيضانات عام 2010 التي ضربت البلاد، وكان لها تأثير كبير على الأمن الغذائي.
ووفقا لصحيفة “ذا نيوز إنترناشونال”، فقد كانت نسبة انعدام الأمن الغذائي في باكستان بمعدل 48% قبل فيضانات 2010، ونتيجة للفيضانات وصلت إلى 58%، والآن وبعد الفيضانات الأخيرة هناك مخاوف من أن ترتفع النسبة بمعدل 10 إلى 12% لتصل إلى 70%، وهي نسبة عالية وخطيرة جدا على بلد يعاني من أزمات اقتصادية متتالية.
في ظل هذه الكارثة، ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية في باكستان؛ فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار الطماطم 5 أضعاف، وتضاعفت أسعار البصل 3 مرات منذ الشهر الماضي، وتتوقع الجهات المعنية في باكستان أن تشهد البلاد نقصا في هذه المنتجات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
لذلك قررت الحكومة إصدار تصاريح لتسهيل استيراد البصل والطماطم من إيران وأفغانستان، في الوقت الذي تحاول فيه جعل أسعار المواد الغذائية مستقرة، إذ طلبت وزارة الغذاء من مجلس الإيرادات الاتحادي التنازل عن الضرائب والرسوم على واردات البصل والطماطم للأشهر الثلاثة المقبلة.
ومن الجدير بالذكر أن الباكستان تدرس خيار السعي للحصول على قرض طارئ من صندوق النقد الدولي، إذ تشير التقديرات الأولية إلى أن الفيضانات المدمرة تسببت في خسائر تقدر بنحو 2.5 تريليون روبية، وقد يتباطأ معدل النمو الاقتصادي إلى 2% فقط في السنة المالية الحالية، وفقا لـ”إكسبرس تربيون”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أن وزير المالية أبلغ هذا الأسبوع مكتب رئيس الوزراء أن وزارة المالية تدرس التواصل مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة مساعدات طارئة.
المصدر: الجزيرة
أ.ج