نتنياهو يحارب ويراوغ بالمجازر لتجنب إبرام صفقة توقف حربه على غزة

نتنياهو
29 نوفمبر 2024
(شباب اف ام) -

أكد كُتاب ومحللون سياسيون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يحاول بشتى السبل تجنب الدخول في مفاوضات لإبرام صفقة مع حماس، تفضي إلى وقف حربه المسعورة على قطاع غزة، لأنه يعتبر ذلك هزيمة استراتيجية لإسرائيل، تؤدي إلى انهيار صورتها في المنطقة، كما أن وقف الحرب والتفاوض يُسقطان أكاذيبه حول “النصر المطلق”، وهو ما سيقود إلى محاكمته، وإنهاء مسيرته السياسية.

وفي هذا السياق، يمكن فهم مراوغات وألاعيب نتنياهو السياسية، غير مكترث بما يواجهه جيشه في الميدان، ودولته على الساحة الدولية من انفضاح غير مسبوق لصورتها الوحشية، حيث يواصل إظهار موقفه المتشدد في موضوع وقف الحرب على غزة، والمفاوضات مع حركة حماس، في محاولة للتملص من أيّ صفقة محتملة، والسعي في الوقت ذاته لكسب الوقت وإطالة أمد الحرب، لتجنب الأثمان التي سيدفعها داخلياً وعالمياً.

ويرى الكتاب والمحللون المتابعون للشأن الإسرائيلي في أحاديث لـ”القدس” دوت كوم، أن تعثر إبرام صفقة التبادل يرجع إلى شروط نتنياهو الجديدة التي لا علاقة لها بالصفقة، مثل استمرار السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح، معتبرين أن استمرار الحرب يخدم مصالح نتنياهو الشخصية، ويضمن دعمه من وزراء اليمين المتطرف، في ظل تصاعد الاحتجاجات والتظاهرات في إسرائيل ضد حكومته.

هزيمة استراتيجية لإسرائيل

ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتملص من الدخول في مفاوضات، لإبرام صفقة مع حركة حماس، حيث يعتبر ذلك هزيمة استراتيجية لإسرائيل وكسر لصورتها، وقوتها الردعية، ودورها الإقليمي.

وأشار عوض إلى أن وقف الحرب والتفاوض يسقط أكاذيب نتنياهو حول “النصر المطلق” والقضاء على حركة حماس، ويؤدي إلى انهيار صورة إسرائيل في المنطقة.

وأوضح عوض أن التفاوض مع حركة حماس يعني قبول نتنياهو بوجود حماس في المستقبل، ما يعزز المحور “السوري الإيراني اللبناني اليمني، وبعض الفصائل العراقية”، ويُضعف دور إسرائيل الإقليمي، خاصة أن إسرائيل تلقت الحماية الغربية.

ارتدادات عنيفة داخل إسرائيل

ولفت إلى أن وقف إطلاق النار سيؤدي إلى تفجر الأوضاع السياسية في إسرائيل، وسيكون هناك انتخابات ومحاكمة لنتنياهو، ما سينهي مسيرته السياسية والأخلاقية والأمنية، ولذا فهو يرفض وقف الحرب.

وأشار عوض إلى أن استمرار نتنياهو في الحرب هو محاولة لتقديم نفسه كبطل، ولكنه في الواقع يفرض المذبحة على العالم، ويواجه نبذاً دولياً.

وقال: “إن الأنظمة التي ترتكب المجازر تتم محاسبتها، وإن إطالة الحرب لن تكون لصالح إسرائيل، إذ إنه لا يمكن هزيمة شعب مستمر في المقاومة ويريد حقوقه، في ظل تجلي ضعف إسرائيل بعد السابع من أكتوبر”.

وشدد عوض على أن استمرار نتنياهو في الحرب سيزيد من الضغوط الداخلية عليه، وقد يؤدي إلى تفكك حكومته وتصاعد العنف داخل المجتمع الإسرائيلي، ما قد يتسبب بحرب داخلية، خاصة أن هناك أرضية للعنف في إسرائيل.

نتنياهو يدافع عن حصونه الشخصية

من جانبه، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت: إن هناك اتفاقًا واسعًا بين المحللين الإسرائيليين على أن سلوك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نابع من مصلحته الشخصية والسياسية الضيقة، وهو ما أدى إلى تعثر صفقة التبادل التي قد تفضي إلى وقف الحرب المستمرة على قطاع غزة، بسبب شروط نتنياهو الجديدة التي لا علاقة لها بالصفقة، مثل استمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح ومحور فيلادلفيا.

وأشار شلحت إلى أن الاعتقاد السائد في إسرائيل هو أن التوصل إلى صفقة تبادل أسرى يعد “أعظم إنجاز يمكن لإسرائيل تحقيقه في هذه الحرب”، لما له من دور في استعادة المخطوفين، ووقف إطلاق النار على الحدود الشمالية مع لبنان.

ووفق شلحت، يعتبر الكثيرون أن شعار “الانتصار المطلق” الذي يرفعه نتنياهو فارغ من أي مضمون، ويهدف إلى خدمة مصالحه، عبر إطالة أمد الحرب، ما يضمن دعمه من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتش، اللذين يسعيان إلى احتلال قطاع غزة.

التهرب من اتخاذ قرارات حاسمة

ولفت شلحت إلى وجود اتهامات لنتنياهو بالتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة، داخل الحكومة الإسرائيلية، رغم أهميتها، مثل: استعادة المخطوفين، وتحديد الأهداف السياسية لما بعد الحرب، ومواجهة حزب الله، وتجديد قانون التجنيد للشبان اليهود الحريديم.

وتابع: يُعتقد أيضاً أن نتنياهو يماطل في التوصل إلى صفقة تبادل حتى زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة، حيث سيلقي خطابًا أمام الكونغرس الأميركي، ويلتقي بالرئيس جو بايدن.

وأشار شلحت إلى أن نتنياهو أثار حملة ضد الإدارة الأمريكية الحالية، محملاً إياها مسؤولية فشل إسرائيل في تحقيق انتصار مطلق في حربها ضد غزة، في ظل مُجاهرة إسرائيلية بالرهان على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لتحقيق “العصر الذهبي” في العلاقات الأميركية-الإسرائيلية.

وأكد شلحت أن سلوك نتنياهو في عرقلة التوصل إلى صفقة تبادل ووقف الحرب بدأ يؤثر في المجتمع الإسرائيلي، وقاد إلى تظاهرات مستمرة منذ عدة أشهر تطالب بإطلاق سراح المخطوفين وإسقاط حكومة نتنياهو والدعوة لانتخابات مبكرة، بسبب تزايد القناعة بأن حكومة نتنياهو غير جادة في إنهاء الحرب وإطلاق المخطوفين.

وخلص شلحت إلى القول: “إنه طالما بقي ائتلاف حكومة نتنياهو متماسكًا دون تهديد من انشقاقات أو انسحابات، فإن هذه التظاهرات لن تؤثر على مجرى التطورات، وسيظل نتنياهو متمسكًا بسياسته الحالية”.

نتنياهو سيقبل فقط بصفقة مجزية له

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش إن نتنياهو سيقبل بأيّ صفقة مجزية له، حيث يسعى لتخفيض شروط الفلسطينيين إلى أدنى حد.

ويرى أبو غوش أن نتنياهو يسعى لكسب الوقت من خلال إطالة أمد الحرب، لتجنب الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ولانتظار نتائج الانتخابات الأميركية، آملاً في ظهور مرحلة جديدة.

وأوضح أبو غوش أن نتنياهو يخشى من شركائه في الحكومة، رغم توافقهم، حيث يعتمد على دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي ساهمت في وصوله إلى الحكم.

وأضاف: “يأتي تملص نتنياهو من إبرام الصفقة، في وقت تتعرض فيه إسرائيل لضغوط دولية واقتصادية، إضافة إلى الخلاف بين الجيش والسياسيين.

وأشار أبو غوش إلى أن استمرار نتنياهو في موقفه من إبرام الصفقة واستمرار الحرب يعززه وجود خلافات داخل المعارضة، حيث إن بعض أطرافها تتبنى مواقف أكثر تشددًا تجاه الحرب، ويعتبر نتنياهو نفسه في مأمن من هذه المعارضة التي لم تتحول إلى أوراق ضغط فعالة ضده.

الخلاف بين الجيش والحكومة

وعن الخلاف بين الجيش والحكومة، يرى أبو غوش أن الجيش يلتزم بقرارات الحكومة، لكن إذا كانت هذه القرارات غير واقعية، ستظهر أصوات مخالفة داخل الجيش.

واستبعد حدوث حرب داخلية في إسرائيل بسبب هذه الخلافات، رغم احتمال ظهور بوادر عنف، لأن الأطراف تدرك أن مثل هذا التصعيد قد يؤدي إلى انهيار إسرائيل.

تحقيق انتصار مطلق

أما الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أليف صباغ، فرأى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى في “اليوم التالي للحرب” إلى تحقيق انتصار مطلق يضمن لإسرائيل القضاء على أيّ مقاومة فلسطينية وقبول الفلسطينيين بنظام أمني إسرائيلي.

وأشار صباغ إلى أن نتنياهو يعتمد على عقيدة القوة لحسم الصراع، وهي عقيدة يتبناها الزعماء الفاشيون، وتقوم على استخدام القوة المفرطة لتحقيق الأهداف، فيما يرى نتنياهو أن الضغوط العسكرية واستهداف الشعب الفلسطيني سيُجبران حماس على تقديم تنازلات.

وأوضح صباغ أن نتنياهو يسعى لإنهاء الحرب بتحقيق كل أهدافها المعلنة لضمان تحقيق نصر تاريخي على الشعب الفلسطيني لم يحققه من سبقوه، أي ليس نصراً بخلق حالة من الردع لسنوات قادمة، وإنما بالحسم النهائي، مع ترتيبات دولية وإقليمية لا تسمح الفلسطينيين لاحقاً أن يتحدثوا كشعب، وهذا يعني أن انتصاره في غزة سيلحقه بالضرورة انتصار في الضفة الغربية، يلغي بموجبه كل سلطة فلسطينية، وكل سمة من سمات الكيانية الفلسطينية، بما في ذلك العلم الوطني.

انتصار على الفلسطينيين وعلى معارضيه في الداخل

وتابع صباغ: “إن انتصار نتنياهو على الشعب الفلسطيني يعني الانتصار على معارضيه في الداخل الإسرائيلي، ولن يتردد في الاستمرار في عملية الانقلاب على القضاء، وعندما يحقق نتنياهو انتصاره على الشعب الفلسطيني والمعارضة الإسرائيلية، لن يكون هناك من يحاكمه بالتهم الموجهة إليه في المحاكم الإسرائيلية، ويحظى بدعم أمريكي وغربي عام، وعندها لن يحاكم في المحاكم الدولية.

وأشار صباغ إلى أن فشل نتنياهو في تحقيق أهدافه وفي حال انتهت الحرب وفق سيناريو آخر، سيؤدي إلى انهيار حكومته واتهامه بالضعف من قبل حلفائه، واتهامه من قبل معارضيه بالفشل في حماية أمن إسرائيل، ما يعرضه لمحاكمة بتهم الفساد، مؤكداً أن نتنياهو لن يقبل بذلك، وقد يلجأ إلى حرب أهلية لتجنب هذا المصير.

3 ركائز في حرب نتنياهو على الفلسطينيين

ووفق صباغ، فإن نتنياهو يعتمد على ثلاث ركائز في حربه: الجيش الإسرائيلي، واستعداد الكثيرين من الضباط والجنود، خاصة من ينتمون إلى الصهيونية الدينية، ان يقوموا بكل الجرائم الوحشية، دون أي اعتبار للقانون الدولي.

أما الركيزة الثانية، فهي الدعم الأمريكي المطلق، والغربي بشكل عام لإسرائيل، من خلال الدعم المادي الاستثنائي والدعم العسكري غير المسبوق، والحماية السياسية والقانونية في المحافل الدولة، قال صباغ.

والركيزة الثالثة حسب صباغ، فهي العجز العربي الرسمي والشعبي عن نصرة الشعب الفلسطيني رغم أنه يتعرض لإبادة جماعية.

وأوضح صباغ أن “فقدان أي من هذه الركائز، خاصة الدعم العربي، سيُجبر نتنياهو على قبول الحلول الوسط، لكن في الواقع نحن لا نشهد عجزاً عربياً فقط، بل نشهد تعاوناً عربياً مع نتنياهو، بذريعة مقاومة حماس أو بحجة أن كل دولة لها مصالحها، أو أن العرب غير قادرين على مواجهة الغرب، وأمريكا بشكل خاص.

المصدر: جريدة القدس

س.ب