قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، “إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، على وشك الانهيار المالي”، داعياً الدول المانحة لتحمل مسؤولياتها ودعم “الأونروا” للوفاء بالتزاماتها تجاه لاجئي فلسطين.
جاء ذلك في كلمته خلال اجتماع لجنة الجمعية العامة المخصصة لإعلان التبرعات لوكالة “الأونروا” المنعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، بهدف زيادة دعم الدول للوكالة، والتي ألقاها بالإنابة عنه مدير مكتب الأمم المتحدة إيرل كورتني راتري.
وقال غوتيريش: “نلتقي كل عام – وكل عام نواجه نفس التناقض. فمن ناحية، ندرك جميعًا الدور الأساسي الذي تلعبه الأونروا كشبكة أمان للفئات الأكثر ضعفًا، وركيزة للاستقرار الإقليمي، وحافز للتنمية، وأداة مهمة لمنع الصراع، وشريان حياة مليء بالأمل والفرص للملايين. ومن ناحية أخرى، نسمح للأونروا بأن تظل عالقة في مأزق مالي، والاحتياجات المتزايدة يقابلها ركود في التمويل”.
وأشار إلى أن عدد من كبار المانحين وأكثرهم موثوقية للأونروا أعلنوا مؤخرًا بأنهم قد يخفضون مساهماتهم، مضيفاً: “هذا مقلق للغاية، الوكالة تعمل بالفعل، بعجز يقارب 75 مليون دولار. لنكن واضحين: الأونروا على وشك الانهيار المالي”.
وأكد الأمين العام: “عندما يكون مستقبل الأونروا في الميزان، فإن حياة الملايين من لاجئي فلسطين الذين يعتمدون على خدماتها الأساسية، ستكون كذلك”، مشيرًا إلى أن الوكالة توفّر خدمات التعليم لأكثر من نصف مليون فتاة وفتى، والرعاية الصحية لحوالي 2 مليون شخص، وفرص عمل للشباب في غزة وأماكن أخرى، والدعم النفسي والاجتماعي لملايين الأطفال، وشبكة أمان اجتماعي لما يقرب من نصف مليون من الفلسطينيين الأكثر فقرًا”.
وقال غوتيريش: “وراء هذه الحقائق والأرقام قصص فردية لا حصر لها عن الفرص التي تم إنشاؤها وكيف ساهمت الأونروا في تغيير حياة أشخاص، مثل قصة لؤي البسيوني، الذي التحق بمدارس الأونروا وذهب للعمل مع فريق ناسا الذي صمم مركبة هبطت على سطح المريخ. أو قصة براء أبو عسكر، التي تلقت تعليمها في مدرسة الرمال الابتدائية المختلطة التابعة للأونروا في غزة قبل أن تنتقل إلى الخارج لإكمال دراسة الطب، وتعمل اليوم على علاج ضد سرطان البنكرياس”.
وأضاف: “أمثلة مثل هذه توضّح مقدار ما نكسبه جميعًا إذا استثمرنا في الفرص للجميع. الاستثمار في الأونروا يعني الاستثمار في مستقبلنا المشترك”.
وأوضح الأمين العام في كلمته: “تم إنشاء الأونروا لدعم إحدى أولى العمليات الإنسانية للأمم المتحدة منذ ما يقرب من 75 عامًا، ولا يزال احتمال السلام بعيد المنال. وإذا كان هناك أي شيء، فهو ينحسر”، لافتا إلى أن العام الماضي 2022 كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ أن بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في توثيق أعداد الضحايا بشكل منهجي في عام 2005. وفي منتصف الطريق إلى العام الجديد، يحتدم العنف دون توقف”.
وقال غوتيريش: “لا بديل عن حل سياسي يحقق رؤية الدولتين – إسرائيل وفلسطين – تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن، والقدس عاصمة للدولتين”، مشيرا إلى أن “الخطوط العريضة لهذا الحل معروفة: فهي مذكورة في قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية”.
واستدرك قائلاً: “لكن الحقائق على الأرض – من الاحتلال المستمر إلى توسيع بناء المستوطنات – تعمل ضدنا. في هذه الصورة القاتمة، فإن الأونروا هي واحدة من أشعة الأمل القليلة، أحثكم على رعاية هذا الأمل والحفاظ عليه. قوموا بدوركم وتأكدوا من أن الأونروا ممولة بالكامل. دعونا نساعد الأونروا في مساعدة لاجئي فلسطين”.
ويتم تمويل “الأونروا” بشكل كامل تقريبا عبر التبرعات الطوعية.
أول أمس الخميس، أعلنت الولايات المتحدة عن تبرع بقيمة 153,7 مليون دولار لوكالة (الأونروا) وذلك لدعم المساعدات الإنسانية والتنمية البشرية والحماية للاجئي فلسطين، حيث سيتم تخصيص 13,5 مليون دولار للنداء الطارئ للأرض الفلسطينية المحتلة وتخصيص 17,2 مليون دولار للنداء الطارئ لسوريا ولبنان والأردن.
وبحسب بيان صدر عن “الأونروا”، فإن “هذا التبرع يرفع التمويل الأميركي للوكالة هذا العام إلى 206,8 مليون دولار، مما يؤكد من جديد مكانة الولايات المتحدة كأكبر مانح للأونروا”.
كما جددت “الأونروا” والولايات المتحدة إطار التعاون (اتفاقية الإطار) للعام 2023-2024، وذلك خلال حفل توقيع افتراضي هذا الأسبوع.
وفي وقت سابق، قال المفوض العام لوكالة “الأونروا” فيليب لازاريني إن حل المشكلة المالية المزمنة التي تواجه الوكالة يتطلب إرادة سياسية ليُضاهي دعم الجهات المختلفة لمهمة “الأونروا”، ما توفره لها من موارد.
وأضاف لازاريني، في مؤتمر صحفي في نيويورك، “إن المشكلة تكمن في التناقض بين ما يُتوقع أن تفعله الأونروا والمصادر التي تتوفر لها”، مشيراً إلى “الطبيعة الفريدة لعمل الأونروا، إذ إنها الوكالة الوحيدة المكلفة بتقديم خدمات مماثلة للخدمات الحكومية”.
وأكد المسؤول الأممي أهمية مواكبة الموارد للاحتياجات، محذراً من أن “الأونروا لن يكون لديها تمويل أو نقد اعتبارا من أيلول المقبل لمواصلة تشغيل مدارسها، كما أن الموارد اللازمة لعمل مراكزها الصحية والخدمات الحيوية الأخرى آخذة في النفاد”.
وتدعم الأونروا نحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، وغزة، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ولبنان، وسوريا.
المصدر: القدس دوت كوم
ي.ك