يسعى المنتخب الفرنسي إلى مواصلة حملة الدفاع عن لقبه العالمي بثبات واسترجاع ثقته، بعد الخسارة المفاجئة في آخر مبارياته بدور المجموعات، وذلك عندما يواجه -اليوم الأحد، على ملعب الثمامة- نظيره البولندي الباحث عن انتصار على منافسه غاب عنه منذ مونديال إسبانيا 1982، وذلك في ثالث مباريات ثمن النهائي.
أما رابع لقاءات ثمن النهائي الذي يحتضنه ملعب البيت ويجمع إنجلترا والسنغال، فسيكون فيه منتخب أسود التيرانغا في مهمة صعبة من أجل مواصلة حلم تكرار إنجاز مونديال 2002، عندما بلغوا الدور ربع النهائي في أول مشاركة بتاريخهم في كأس العالم.
وتسعى فرنسا إلى استعادة بريقها ومواصلة حملة الدفاع عن لقبها، عندما تلاقي في ثالث مباريات الدور ثمن النهائي من مونديال قطر، على ملعب الثمامة بولندا المطالبة بالاستفاقة من سباتها عقب ظهورها الخافت في دور المجموعات.
وبعدما حسمت فرنسا تأهلها بانتصارين متتاليين على أستراليا (2-1) والدانمارك (2-1)، تعثر المدرب ديدييه ديشان ورجاله أمام المنتخب التونسي الذي آمن بحظوظه في بلوغ الدور ثمن النهائي للمرة الأولى في تاريخه، وخرج فائزا (1ـ0) دون أن يحقق مبتغاه.
ويدخل المنتخب الفرنسي الساعي إلى لقبه الثالث في كأس العالم بعد أن توّج في عامي 1998 و2018، وهو مثقل بهواجس الأداء المضطرب الذي ظهر به في مباراتي الدانمارك وتونس، وبعد عرض قوي أمام أستراليا.
ورغم أن ديدييه ديشان لعب بتشكيلة رديفة أمام “نسور قرطاج”، لكنه دفع بركائزه الأساسية عقب هدف التونسي وهبي الخزري، وفي مقدمتها كيليان مبابي وأدريان رابيو وأنطوان غريزمان وعثمان ديمبليه، دون أن يتمكنوا من تعديل النتيجة.
وسعى ديشان إلى طمأنة جماهير فرنسا، بقوله: “لم نكن مطالبين بكسب نقاط من أجل ضمان الصدارة، أقول لكم ذلك ولكني لست متوترا، أنا لا أغضب”.
ويتعيّن على المنتخب الفرنسي طي صفحة الجولة الثالثة من دور المجموعات، والتركيز على مواجهة نسور أخرى أشد فتكا، وهي نسور بولندا بقيادة نجمها وهدافها الاستثنائي روبرت ليفاندوفسكي الذي افتتح باكورة أهدافه المونديالية في مرمى السعودية (2-صفر)، في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة.
وسيكون ليفاندوفسكي -أفضل لاعب في أوروبا- وجها لوجه مع كتيبة فرنسية معززة بخط هجومها الفتاك بقيادة غريزمان وديمبليه وأوليفييه جيرو وخاصة نجمها مبابي، شريك صدارة لائحة الهدافين برصيد 3 أهداف مع الإكوادوري إينير فالنسيا والهولندي كودي خاكبو والإنجليزي ماركوس راشفورد والإسباني ألفارو موراتا والأرجنتيني ليونيل ميسي.
وحذر مهاجم بايرن ميونخ الألماني كينغسلي كومان زملاءه من بولندا، وتحديدا من هدافها روبرت ليفاندوفسكي زميله السابق في النادي البافاري، قائلا: “إنها مباراة في كأس العالم، في أي مباراة كل شيء ممكن، سنتعامل معها بالجدية اللازمة. وضع المرشح لا يمنحك تقدما بهدف، بل على العكس علينا أن نكون يقظين جدا”.
وأضاف كومان: “بولندا خصم مختلف تماما، لديها أسلوب لعب خاص كما رأينا في كثير من الأحيان، لذلك لن نتفاجأ لأننا نعلم أنهم سيكونون أقوياء جدا في الهجمات المرتدة”.
في المقابل، تأمل بولندا في استعادة توازنها بعد عروضها المخيبة في دور المجموعات، وخصوصا خسارتها أمام الأرجنتين (2ـ0) في الجولة الثالثة الأخيرة، والتي كادت تطيح بها خارج البطولة لو حققت المكسيك فوزا بفارق 3 أهداف على السعودية (2-1).
وأعرب روبرت ليفاندوفسكي، قائد بولندا الذي سيجد نفسه في مواجهة منتخب قوي هجوميا ودفاعيا أيضا، عن أمله في أن يكون منتخب بلاده جاهزا لمواجهة فرنسا.
وقال ليفاندوفسكي: “لم تكن مباراة الأرجنتين بمثل ما انتظرنا، لكن المهم أننا حققنا التأهل، وبالنسبة للمنتخب البولندي، بالنظر إلى إمكانياتنا، ما حققناه هو بمثابة النجاح. الشيء المهم الآن هو أن نكون جاهزين ضد فرنسا”.
أما مدرب بولندا تشيسلاف ميخنييفيتش، فاعترف بأن منتخب بلاده “عانى كثيرا، ولكن ربما إذا حققنا بعض النتائج الإيجابية فسنخرج من هذه المعاناة، أنا آسف لأننا لعبنا بعصبية في مباراة الأرجنتين، ولكن الآن ليس الوقت المناسب للشكوى”.
والتقى المنتخبان مرة واحدة في المونديال سابقا، وكانت عام 1982 في إسبانيا، عندما فاز زملاء زبيغنييف بونييك على فرنسا (3-2) في مباراة تحديد المركز الثالث، لكن ذلك الانتصار هو الأخير للبولنديين في مواجهاتهم أمام فرنسا، وهو ما يجعلهم يطاردون إنجاز هزيمة فرنسا الذي غاب عنهم منذ 40 عاما.
بدوره، يسعى منتخب إنجلترا إلى تأكيد دخوله القوي لمونديال قطر، وذلك بعد أن خاض قبل ذلك 6 مباريات متتالية من دون انتصار في سلسلة هي الأسوأ منذ 1993. لكن الإنجليز الآن في مزاج تحدي الجميع بعد تأهلهم إلى ثمن نهائي مونديال قطر، حيث يتواجهون الأحد مع السنغال المتحفزة للرد على من أخرجها من الحسابات.
وحجزت إنجلترا مقعدها في ثمن النهائي بأداء مقنع تماماً في مباراتين ضد إيران (6-2) وضد جارتها ويلز (3-صفر)، وأقل إقناعا في الجولة الثانية ضد الولايات المتحدة (صفر-صفر).
وبعد تجاوز دور المجموعات في الصدارة، استعاد رجال المدرب غاريث ساوثغيت المعنويات المرتفعة التي قادتهم للوصول إلى نهائي كأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخ “الأسود الثلاثة”، قبل أن تحرمهم ركلات الترجيح من اللقب الذي ذهب في صيف 2021 لصالح إيطاليا.
ويرى لاعب الوسط ديكلان رايس أن منتخب بلاده يستحق احترام أفضل منتخبات العالم، متسائلا: “الدول الأخرى ستنظر إلى الجودة التي نتمتع بها ولم لا يخشوننا؟”.
وتابع “إذا نظرتم إلى مواهبنا الهجومية، فسترون أنها من الطراز العالمي. هناك لاعبون في كافة المراكز فازوا بأكبر الألقاب، الأمر منوط بنا كي نثبت ذلك، نحن لسنا هنا من أجل الوصول إلى ثمن النهائي وحسب، نريد الذهاب حتى النهاية”.
وتدخل السنغال موقعة ملعب البيت متسلحة بثقة لا متناهية في مقارعة أقوى المنتخبات، والمضي قدما في إنجاز عام 2002 حين باتت ثاني منتخب أفريقي يصل إلى ربع النهائي بعد الكاميرون عام 1990.
ورغم خيبة خسارة نجمهم المطلق ساديو ماني قبيل انطلاق النهائيات بسبب الإصابة، نجح السنغاليون في حجز بطاقتهم إلى ثمن النهائي لأول مرة منذ 2002، بعد تجاوزهم خسارة افتتاحية أمام هولندا (صفر-2)، بالفوز على قطر المضيفة (3-1)، ثم الإكوادور (2-1).
وبعدما بدأ الحديث في وسائل الإعلام الفرنسية عن مواجهة إنجليزية فرنسية في ربع النهائي، رد مدافع أميان الفرنسي فورموز مندي بالقول “يعتقد الفرنسيون منذ الآن أن إنجلترا ستفوز علينا، لكننا واثقون من قوتنا”.
وشدد “سنفعل كل شيء من أجل الفوز بالمباراة. إنه حافز إضافي ونحن نؤمن بأنفسنا. كانت بداية فريق السنغال صعبة لكننا أصبحنا أقوى، نحن نركز على أنفسنا وسنبذل قصارى جهدنا، لسنا هنا لقضاء العطلة وإنما للذهاب بعيدا في المونديال”.
وسيواجه الفائز من مباراة السنغال وإنجلترا، الفائز في مواجهة بولندا وفرنسا، في الدور ربع النهائي.