تسجيل حالات كوليرا في سوريا.. ما السبب؟ ولماذا ارتفعت إصابات المرض عالميا؟

تسجيل حالات كوليرا في سوريا.. ما السبب؟ ولماذا ارتفعت إصابات المرض عالميا؟
10 أكتوبر 2022
(شباب اف ام) -

شهدت سوريا ولبنان تسجيل إصابات بمرض الكوليرا، وهو عدوى حادة تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا.

أعلن الجمعة الماضي وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض تسجيل إصابتين بالكوليرا في تجمع للنازحين السوريين في عكار (شمالي لبنان).

وكان بيان صادر عن وزارة الصحة أعلن الخميس الماضي تسجيل واحدة من هاتين الإصابتين في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الحالي في محافظة عكار، وحالة المريض مستقرة ويتلقى العلاج في المستشفى.

وتعد هذه الإصابة الأولى في لبنان منذ 1993؛ تاريخ آخر تفش للكوليرا.

وبناء عليه، شكلت وزارة الصحة خلية أزمة تضم خبراء واختصاصيين للاستجابة لتفشي الكوليرا، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن وزارة الصحة.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه سوريا المجاورة منذ سبتمبر/أيلول الماضي تفشيا للكوليرا في محافظات عدة، للمرة الأولى منذ عام 2009.

وأوردت وزارة الصحة السورية ليل الثلاثاء الماضي أن العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة بلغ 594 إصابة، موزعة على 11 محافظة من إجمالي 14 في البلاد، والعدد الأكبر منها في محافظة حلب.

وسجلت الوزارة 39 وفاة، 34 منها في حلب، موضحة أن “معظم الوفيات ناتجة عن التأخر في طلب المشورة الطبية المبكرة أو لأشخاص يعانون من أمراض مزمنة”.

ولم يتضح إذا كانت إحصاءات الوزارة تشمل الإصابات والوفيات في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة.

وحذرت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء الماضي من أن الوضع “يتفاقم بشكل مقلق في المحافظات” التي تفشى فيها المرض، و”تتوسع الإصابات إلى مناطق جديدة”.

وفي يونيو/حزيران الماضي، تم اكتشاف 13 حالة كوليرا في العراق، 10 منها في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، التي لم تشهد المرض منذ 10 سنوات، من دون تسجيل وفيات.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور سيف البدر لوكالة الأنباء العراقية -وقتها- إن التشخيص المبكر للمرض يسرّع الشفاء منه، مشيرا إلى أنه ينتقل عبر الطعام والشراب الملوث من الشخص المصاب إلى الشخص السليم.

وأكد أن كبار السن والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، وطالب أفراد المجتمع بالاهتمام بالنظافة الشخصية وسلامة المأكولات والمشروبات.

ويظهر الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني من شح في مياه الشرب أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي، وغالبا ما يكون سببه تناول أطعمة أو شرب مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال والقيء.

المياه الملوثة قد تكون وراء الكوليرا

وفي إطار جهود الحد من تفشي المرض، أعلنت وزارة الزراعة السورية الأسبوع الماضي “إتلاف جميع الخضراوات التي تروى من مياه ملوثة في حلب وتؤكل نيئة”.

وتنبه منظمات وعاملون إنسانيون من مخاطر تفشي المرض في مخيمات النازحين المكتظة، خصوصا في شمال غربي البلاد، بعد تقارير عن تسجيل إصابات عدة.

وبناء على تقييم سريع أجرته مع شركائها، رجحت الأمم المتحدة أن يكون تفشي العدوى مرتبطا بشكل أساسي بشرب مياه غير آمنة مصدرها نهر الفرات، وكذلك استخدام مياه ملوثة لري المحاصيل.

يعتمد نحو نصف السكان في سوريا على مصادر بديلة تكون غالبا غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه، بينما لا تتم معالجة 70% على الأقل من مياه الصرف الصحي، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

وفي جنيف، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس -خلال إحاطة للصحفيين الأربعاء الماضي “في سوريا، تم الإبلاغ عن أكثر من 10 آلاف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا خلال الأسابيع الستة الأخيرة”.

تغير المناخ والفقر ينعشان الكوليرا

وأكد باربوزا أن تفشي الكوليرا يحدث بشكل خاص في المناطق التي تعاني من الفقر والصراعات، و”اليوم نواجه تهديدا متزايدا مع تغير المناخ”، مثل الأعاصير والجفاف والفيضانات، وذلك يقلل إمكانية الوصول إلى مياه نظيفة؛ وبذلك تتوفر بيئة خصبة لانتعاش الكوليرا.

وأشار إلى أنه يمكن الوقاية من الكوليرا عبر ضمان الوصول إلى مياه آمنة والنظافة والصرف الصحي، مع زيادة الوصول إلى الرعاية الصحية والانخراط الفعال للمجتمع.

ورغم “خطورة الوضع” فإنه “ليس ميؤوسا منه”، كما قال المسؤول الأممي، مضيفا أنه “يمكن الوقاية من الكوليرا وهو مرض قابل للشفاء”.

ما مستقبل السيطرة على الكوليرا في الشرق الأوسط خاصة والعالم عامة؟

وفقا لدراسة نشرت في أبريل/نيسان في مجلة لانسيت الطبية، فإن الكوليرا يتميز بالإسهال المائي الخفيف إلى المميت، وعلاج الجفاف الفوري هو حجر الزاوية في العلاج.

وقالت الورقة البحثية إنه منذ عام 2014 تعمل فرقة العمل العالمية لمكافحة الكوليرا (شبكة منسقة من الشركاء من منظمة الصحة العالمية) مع العديد من البلدان لتطوير إستراتيجيات وطنية لمكافحة الكوليرا.

تركز خارطة الطريق العالمية لمكافحة الكوليرا على وقف انتقال الكوليرا في النقاط الساخنة للكوليرا من خلال التطعيم وتحسين المياه والصرف الصحي والنظافة، بهدف الحد من وفيات الكوليرا بنسبة 90% والقضاء على الانتقال المحلي في 20 دولة على الأقل بحلول عام 2030.

لذلك، فإن سير الكوليرا في دول الشرق الأوسط خصوصا، والعالم عموما، يعتمد على هذه العوامل: التطعيم وتحسين المياه والصرف الصحي والنظافة، فنجاح الدول في توفير هذه الأمور يعني السيطرة على الكوليرا، وإلا فإن هناك احتمالية لاستمرار هذا التفشي.

وتنتج عدوى الكوليرا بسبب أحد أنواع البكتيريا، يسمى ضمة الكوليرا (Asiatic cholera)، والآثار المميتة للمرض هي نتيجة لسم تفرزه البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، يتسبب في إفراز الجسم كميات هائلة من الماء، مما يؤدي إلى الإسهال وفقدان سريع للسوائل والأملاح.

وقد لا تسبب بكتيريا الكوليرا المرض لدى جميع الأشخاص الذين يتعرضون لها، لكنها لا تزال تمرر البكتيريا في البراز، ويمكن أن تلوث الطعام وإمدادات المياه.

من جهتها، تقول منظمة الصحة العالمية إن هناك الكثير من المجموعات المصلية لضمات الكوليرا، على أن مجموعتين مصليتين منها حصرا (هما “أو 1″ (O1) و”أو 139” (O139)) تسببان اندلاع الفاشيات. وقد تسببت ضمات الكوليرا (أو 1) في اندلاع جميع الفاشيات الأخيرة، في حين تسببت ضمات الكوليرا (أو 139) -التي حددت لأول مرة في بنغلاديش عام 1992- في اندلاع فاشيات في الماضي، ولكنها لم تتسبب في الآونة الأخيرة سوى في الإصابة بحالات مرضية متفرقة، ولم يكشف عن وجودها قط خارج آسيا.

المصدر: وكالات

أ.ج